أحسنت يا بتراوس فقد بلغت ما طلبه منك بوش بالحرف الواحد

يبدو أن قائد القوات الأميركية في العراق, اللواء ديفد بتراوس, قد اكتسب شيئا من الغباء والبلاهة, من الرئيس الأمريكي, جورج بوش الصغير. كيف لا وكما نقول بالعربية, من عاشر القوم أصبح مثلهم, ففي الوقت الذي يقف فيه هذا اللواء, أمام صناع القرار في بلاده, يسؤلونه عن واقع الحال في العراق, وبالأخص واقع الوجود الأمريكي هناك الان, تجد هذا القائد العسكري يجيب: نعم الوضع جيد بالنسبة لنا في محافظة ديالي . فذكرني هذا بأحداث كانت تحدث في المدرسة ,حينما كان الأستاذ يسأل سؤالا, والطالب يجيب جوابا بعيدا كل البعد, عن السؤال المطروح , وكان الأستاذ عندها يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله, ثم تنتهي القصة بين الأستاذ وبين الطالب إما بالشتم أو الضرب.

لقد كان سبب الغباء الذي ظهر فيه, اللواء الأمريكي بتراوس كما أظن, هو أن الرئيس بوش, قد قام بتلقينه, كل ما يجب قوله أمام الكونجرس , ولقد كان حدوث مثل هذا الأمر, متوقعا داخل الأوساط السياسية الأمريكية, وبالأخص الحزب الديموقراطي, ولقد ملأ هذا التخوف وهذا الشك, العديد من الصحف الأمريكية, في اليوم الذي سبق التقرير, ومثول قائد القوات العسكرية بتراوس أمام الكونجرس.

إن احدا لم يكن لينتظر من أي انسان, مهما بلغ من القدرة العقلية, أن يأتي بمثل ما جاء به بتراوس هذا , فعن أي تحسن يتحدث بتراوس؟ فبالنسبة للناحية الأمنية, فإن المتابع للأحداث الدموية اليومية في العراق, والتي تطال الحجر والبشر والشجر, ليكاد يجزم, بأن ما جاء به هذا القائد, هو كذب وافتراء, ولقد شهد الجميع وعلى شاشات التلفاز, أن المنطقة الخضراء نفسها واجتماعات السياسيين, لم تسلم من التفجيرات الدموية, هذا بالإضافة إلى التصاعد الملحوظ في المقاومة العراقية الباسلة, والتنامي المطرد في عدد الجماعات الجديدة, التي انخرطت في جهاد المحتلين, كما أن الفشل الذريع في العملية السياسية في العراق, لا يحتاج إلى تدليل وتحليل, ولقد انحدر أداء العملية السياسية في العراق, إلى حد أن أصبح إكتمال النصاب في مجلس النواب العراقي نادرة من النوادر.

ويبدو أن الإدارة الأمريكية, مصرة على التمادي في غيها, وطغيانها وظلمها وكذبها , فمن كذبة الأمس, أسلحة الدمار الشامل, التي كان لدى خبرائهم أساس متين عنها, إلى كذبة اليوم, على لسان بتراوس, من أن الوضع في العراق, قد تحسن أو في تحسن. ألم يكف الإدارة الأمريكية, ما اقترفته من جرائم وحشية, بحق البشر؟ألم يكف امريكا, ما قامت وتقوم به من تدمير, لكل ملامح الحياة في العراق؟ ألم يكف الإدارة الأمريكية, كل هذا الكذب والتضليل, لتسويق حروبها ودمارها وبشعها؟ بل ألم يكف الولايات المتحدة, ما يزيد عن الثلاثة الاف قتيل من جيشها, والذين عادوا إلى وطنهم بصناديق خشبية؟ ألم يعد الوقت مناسبا الان لهذه الإدارة, لكي تكف عن الحلم, بالسيطرة على الخليج ونفطه؟

كاتبه : د.فرج الفقير